لأوّل مرّة بعد الجراحة دخلت المنزل و بكلّ ثقة اتّجهت نحو المرآة .. أبدو جميلة بمظهري الذكوري الجديد و سعيدة أنا لأكون دون شعر طويل و ثديين ككلّ الإناث .. أنا مختلفة ! لم أستطع تحمّل تساقط شعري تدريجيّا فحلقته تماما كما تمّ قطع ثدياي خلال الجراحة بعد أن استوطنهما الورم .

كنت أتجوّل في المرآة بعينين طغى عليهما التّأمّل أصبح اتّجهت  جهي شاحبا أصفر , عيناي تتجمّلان بهالات سوداء , فمي أصبح جافاّ تماما و قد خفّ وزني . أو ليس هذا ناتجا عن الورم أو ليس هذا تحدّيا جديدا تجربة جديدة و مواجهة للعالم ؟ أليس هذا ابتلاء من اللّه ؟

أخبرني الطبيب خلال مغادرتي أن الورم يمكن أن يظهر في مناطق من جسدي و أن أيّامي يمكن أن تكون معدودة لا أحد يعلم كم سأعيش سنوات , ساعات , دقائق ؟ أمر مجهول

كنت في كلّ مرّة أتجوّل في الشّارع يستغرب النّاس مظهري اناس تلعنني لهذا التّشبّه الرجولي و آخرون يحسدون شجاعتي للسير دون قبّعة او شعر مستعار أو حتّى ثديين مزيّفين و  كنت في كلّ مرّة أبتسم فأنا أعلم أن هذا جبن و خوف و إن كانت الشّجاعة تكمن في تحدّي ما يخيفني ما يقتلني فانا ملكة الشّجاعة أنا أحبّ نفسي كما أنا طبيعيّة ..

لا شيء يقلقني و يستفزني قدر تخلّي النّاس عني الجميع صار يفرّ منّي الجميع حتّى الرّضّع حتّى صورتي القديمة و أنا لا أتوقّف عن الإستمتاع بلحظاتي الأخيرة أسافر أتسوّق أسهر أغنّي و أشتغل و أواصل كتابة عباراتي الأخيرة ... و كنت في كلّ مرّة أنظر إلى المرآة أسأل نفسي : هل تتزوّج النساء المسرطنات .. هل سيرضى ذلك رجل بأمرأة بدون شعر , بدون ثديين و بدون مداعبات ليليّة .. من سيقبل أنثى اعتدى على شرفها مرض قاتل ...