Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
الحب السائل أو كيف روج عبد الباسط حمودة لل win -win love:

الحب السائل أو كيف روج عبد الباسط حمودة لل win -win love:
حكمدار الأغنية الشعبية أو فريد شوقي الأغنية الشعبية هو عبد الباسط حمودة من أشهر المغنينبن الشعبيين في مصر و العالم العربي.
لكنني في هذا المقال لن أحدثك عن شهرة هذا الفنان و كواليسها بل سأنسج بدء من خيط رقيق من الجدية في أغنايه يكاد لا يرى و هو الإجابة عن تساؤل كيف هو الحب عند عبد الباسط حمودة ؟؟
حكمدار الأغنية الشعبية أو فريد شوقي الأغنية الشعبية هو عبد الباسط حمودة من أشهر المغنينبن الشعبيين في مصر و العالم العربي.
لكنني في هذا المقال لن أحدثك عن شهرة هذا الفنان و كواليسها بل سأنسج بدء من خيط رقيق من الجدية في أغنايه يكاد لا يرى و هو الإجابة عن تساؤل كيف هو الحب عند عبد الباسط حمودة ؟؟
أو عن اي حب يتحدث ؟ هل هو ذاك الحب الرومنسي المفعم بالنجوى و الشجون ؟ ذاك الذي يغذيه الجفاء و الغياب فيجعله أمتن و أطول و أقوى ؟ أم هنالك حب آخر يروج له الحكمدار سواء بقصد أو بدونه .
في إحدى اللقاءات المشهورة ل "نجيب محفوظ" مع الصحفي "مفيد فوزي" ،تفاجأ هذا الأخير من اعجاب محفوظ بالفن الذي يقدمه "أحمد عدوية " كما وصفه ب "واهب السعادة " !
بهذا القدر من الذكاء و شساعة فكر محفوظ تعلمت منه أن أحاول دوما فهم كل لون فني حتى و إن كان غير رسمي ،أو محتقر في أعماق الذائقة الجمعية ،فكل صوت ينسج عالم ما و يريد أن يقول شيئا ما ،كان هذا بطريقة تحلو لك أو لا فهذا أمر آخر يكون الحكم فيه لذائقة الشخصية.
و أنا أحب عدوية كما أحب أيضا فريد شوقي الأغنية الشعبية أو دعنا نسميه كما سماه الجمهور و الشعب "حكمدار الأغنية الشعبية" . فهذا الافتتان طبعا لم يأت من فراغ أو من سوء الذوق مثلا !
بداية ،أفهم حجم الابهام و الغموض الذي تشعر بهما الآن و أنت تقرأ هذا العنوان "الحب السائل عند حكمدار الأغنية الشعبية: كيف روج عبد الباسط حمودة لل win -win love."
أعرف تماما حجم التساؤلات أو حتى السخرية من ربط ما لا يربط ! أو البحث في التناقضات التي قد لا تلتقي أبدا!
لكنني أعدك أنك ستحب في النهاية هذا التناقض ،ستجد ذلك الخيط الرقيق الذي يوصلك إلى الفكرة التي أريد ايصالها لك.
يمكنك ملاحظة اختلاف الاتجاه الفني لحكمدار الأغنية الشعبية ، لا على مستوى اللحن فقط بل أيضا في مدار الكلمات و ما تنتجه من أفكار و معاني تعبر حتما عن جيل اخر مستجد لا يتبع المدونة الموسيقية القديمة في مسارها الرومنطيقي أو الرومنسي .
فلا نجد مثلا ذلك العشق الممزوج بالكبرياء عند أم كلثوم أو ذاك الحب الحالم عند فيروز أو عبد الحليم بل على النقيض من ذلك يأتي الحب عند الحكمدار حب آني لطيف و سريع أو يمكنه أن نسميه الحب "النغش" على حد هذه العبارة المصرية اللطيفة !. فالاعجاب عنده مثلا لا ينبني على تخمة من قصائد الغزل أو اطناب في ذكر محاسن و مفاتن المحبوب ولا وجود لأي استجداء للوصل أو القبول .
"لما نلاغيك يا ولا كمان انت لاغي " عبد الباسط حمودة اعجابه بسيط كالماء واضح كطلقة مسدس!
فالعلاقة هنا ليست عمودية تعتمد طرفا عاشق ضعيف يتودد طرفا آخر يتمنع و يرفض هذا الهوى ! بل يذهب مفهوم هذا الحب إلى أبعد من ذلك ،تبدو طبيعة العلاقة عنده علاقة تجارية ،أو ربما هو هذا الحب الذي ينبت من جذور النظام العالمي الذي يتحكم في كل شيء تقريبا حتى المشاعر الإنسانية و أهمها الحب .
فالحكمدار واع جدا بهذا المفهوم الجديد من العشق اذ يقول "أصل العشق يا عطى أخذ و عطى " ،فهو يعلم جيدا أن استمرارية اي حب تتأتى من قانون منطقي جدا "كل شيء متبادل مستمر " فأغلب أغانيه تعتمد هذه المقايضة الجريئة اذ يقول في أغنية أخرى "مادام قلبك في ايدي أنا طوع أمرك يا سيدي " فربما هو لم يقم بقطيعة ابستمولوجية مع ذلك الحب الرومنسي لكنه يرفض بعض قوانينه فقط ،فنجد قطعا معان منها كالاجلال و الطاعة و الافتتان لكن هذا كله دائما ما يقترن بشرط ! دائما ما يقترن بمقايضة ،بتبادل ،أو لعله يفهم دوما الحب بثنائية العرض و الطلب اي بقوانين السوق "خذ مني قلبي ...اديني قلبك ..."
و هذا هو تماما ما يعنيه مصطلح win-win love ,لا وجود للألم في الحب ،لا استغلال ،لا ربح لأي طرف على حساب طرف آخر و لذلك فهو لطيف و هادئ و مستمر .
فالحكمدار لا يعترف اذن بال win- lose love
ذلك الحب الذي أخرجته لنا المدرسة الرومنطيقية.
يبدو من الأهمية أن نشكك بشكل منهجي في افتراضات النظرة الرومانسية للحب ـ ليس بهدف تدمير الحب، بل لإنقاذه - ينبغي أن نؤسس و نعمل على الإيمان ب "ما بعد الرومانسية. فما بعد الرومانسي طموح بنفس القدر فيما يتصل بالعلاقات الجميلة اللطيفة، ولكنه يتبنى حساً مختلفاً تماماً فيما يتصل بكيفية عيش هذه العلاقات ،فحري بنا أن نرفض الأوهام الأفلاطونية حول الحب التي غذتها تماما و ضخمتها الموسيقى الكلاسيكية العربية ،نعم يمكن أن يفشل الحب إن كان لا وجود لتوافق مالي أو خطط ناجعة في ذلك ،نعم يمكن أن يتلاشى الحب إن غاب الجمال في المظهر أو في الداخل أيضا ،نعم يمكن أن يفشل الحب دون اي سبب أصلا ،هكذا يأتي ثم يذهب مع الريح ! نعم يجب أن نعترف بهذا ،بجرأة و وضوح .
و هذا لا يعني قتل كل مظاهر الرومانسية في الحب ،بل الأمر أعمق من ذلك ،سنظل دائما نحب هدية الورود و الخطابات اللطيفة و مشاركة الأغاني و الأحلام لكن هذا يجب أن يسير مع مدارات التوصيف العملي للحب ،يجب أن يمتزج بالعقلانية و التخطيط لحياة مشتركة يمكن أن تطبق على الأقل !
فبينما تخدعنا الرومانسية الحالمة بالحب غير المشروط تذكرنا فكرة win -win love بضخامة جرم هذه الفكرة ،بينما تخدعنا الرومانسية الحالمة بضرورة الاستماع بألم الحب و تصدعاته و قرفه تذكرنا فكرة win - win love أن هنالك حب آخر على الضفة الأخرى ،حب أمن و هادئ و متبادل و بالتالي مستمر .
ينسجم الحكمدار مع هذه التيار ،لتروج أغانيه لهذه المدرسة ،لا مكان عنده للاستغلال ،لا مكان لعلاقات ترهقنا بل و تعمل على تدميرنا .
أحب واهب السعادة هذا ،صوته يأتي دائما كتذكير خفي بالاستمتاع بنعمة الحب "النغش " الذي لا يعترف بالألم أو التعب إلا اذا كان حملا متقاسما و بذلك يصبح خفيفا كالهواء / كالهوى الذي نحب!
إيمان السوداني
Website Design Brisbane
Tags: