Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

على سبيل المحبة

defying-peopleHadil Khazri - هديل الخزري

ستعلم عاجلاً أم آجلاً أن صمتك وحش كاسر تمتد يداه المباركتان إلى كل من يريد بنواياك الطيبة سوءا .وستكبر وستعلم لاحقاً أن سذاجتك هدية ربانية تحميك من الوقوع في فخ الحقد والمكر والدهاء .ستدرك في كل الحالات أن إستماتتك في مقاومة هذا المدد الشيطاني الهادف إلى تأليه حقدهم وتكفير براءتك هي رغبة مشروعة لمن كان على شاكلتك من النفس المطمئنة والقلب السليم ،

ستكبر كثيراً و سيشتعل الراس شيباً وستنضج رغباتك الطفولية على نار التجربة وحطب السنين وقد تصير أكثر تعقلا وأقل مثالية ستصير عيناك أقل بريقاً كلما رأيت علب الشوكولاتة الفاخرة داخل محلات المرطبات ، لن تدفعك موسيقاك المفضلة إلى الانخراط في نوبات رقص تثير ضحكك وسخطهم ،

حتماً ستنضج وستعلم أنك لست عربيداً كما يدعون أو فسقاً كما يزعمون ، أنت عزف منفرد في عالم تستبد به الرتابة ويسيطر عليه النشاز ، نشازهم دفعهم إلى تحقيرك و- نعتك بأبشع النعوت فقط لأنك مختلف ، فقط لأنك أنت ،ستنضج وسيسبق حبك للحياة محاولاتهم البائسة للحط من شأن أحلامك و إحباط عزيمتك فيما اخترته لنفسك من طرق العلم والمجد والشهرة . ستتعاطى مع نزواتك السابقة بقليل من بالخجل والكثير من الحكمة وستعلم اننا كلنا خطائون وخير الخطائون التوابون .ستعلم يوماً أنك لست عظيما بفعل العادة أو التعود .أنت عظيم بالفطرة : غيرك نعت إمرأة بالمومس فقط لأنها رفضت الإنسياق لرغباته والإستسلام لشهواته ،

صديقك الذي يدعي التقوى والورع يعامل زوجته بعنجهية لينهار باكياً تحت قدمي مديره في العمل ، زميلتك التي انفقت كل ما في جيبك لتساعدها على تجاوز أزمتها الصحية هي في الحقيقة مصابة بداء اخطر من السل وأكثر منه فظاعة ،داء الطمع ، داء اللؤم ،  داء الجشع وعدم الإكتراث لألام الغير

أما أنت فقد إحتسيت منذ بضع سنين زجاجة كبيرة من الفودكا لتمضي ليلتك منتحباً تبكي حظك السيئ بكل ما أوتيت من عفة وصدق وإيمان ،

لأنك تملك قلباً ملائكيا خالياً من الكره متخماً بالمحبة لا تتوانى أن تجلد الذات كلما اقترفت خَطأً كبيراً أو صغيراً ، ولأني لا أحب سواك لا أتوانى عن تذكيرك أن الله غفور رحيم ،

سبل الخطيئة ضيقة الافق بالغة المحدودية فلنختزلها يا صديقي في بضع كؤوس من النبيذ أو إستشاطتك غضباً في وجه صديق لا يريد لك سوى الخير .أما سبل الخير فهي عديدة وبالغة التشعب .الله موجود في تلك الابتسامة التي لا تفارق محياك رغم قلب عبثت به الأقدار وأثقل كاهله الحزن .الدين يتجلى في رغيف خبز منحته لطفل جائع رأفة بحاله و رهبة من رب يراك ولا تراه . اللطف الالهي أمر عظيم يمنعك من الإساءة لغيرك جهراً و علانية . العناية الإلهية تكمن في تلك النظرة الحالمة التي تطوقني بكل حب ومودة . الإيمان شعور عميق يقذفه الله في قلب من أحبه من خلقه .وأنا الأن أراه جلياً في تلك الدموع المنذرفات منك ومني عند كتابة تلك الكلمات .
الدين إنسانية و إستبقائك في داخلي هو إستبقاء لبقايا إنسانية في عالم أرفضه ويرفضني ، 

هديل الخزري

على سبيل المحبة