Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

بأيّ ذنب قتلت نفسك؟

mariem-khlifi-romanMariem Khlifi - مـريـم خـلـيـفـي

هل حاولت الإنتحار؟

هل وقفت على هذه الحافّة؟

لن أسألك عن أسباب ولوجك محطّتك الأخيرة

لكنّني أنبش صدرك

أكنت خائفا ذليلا أم شجاعا عزيزا؟

هل رهبت الموت؟

أم رهبك الموت؟

علّك كنت ثملا باللّاحياة واللّاموت

بما يكفي لانتصابك تقارع الموت

منزوع السّلاح إلّا من إرادتك ورغبتك في الرّحيل؟

هل أشفق الموت عليك؟

حملك في حقائبه كاتما أسرار قلبك؟

أم تنكّر لك القدر كعادته اللّعينة

وأكرهك مجدّدا على الحياة؟

"القدر يوزّع الأوراق

لكنّنا نحن من يلعب".


قالوا نقلا عن مولاي ورسل مولاي

أنّ قاتل نفسه كافر..

قلت.. مولاي

لمن الجنّة والنّار؟

من يحكم بالثّواب ويوزّع العقاب؟
من أقرب إلينا من حبل الوريد؟

تجاوز مولاي

عن عبد لا يهوى معصيتك

لكنّه حزم ما تبقّى منه

وقصدك لتأويه.

اختار الرّحيل.

فاقتطع له مولاي  تذكرة سفره إليك

وتقبّلها منه.

استقبله أيّها القدير

استقبال العاشقين..


قالوا قاتل نفسه ضعيف..

هرب من مقارعة الحياة والوجود

ترفّع عن صندوقه العجيب

ولو تأمّل ما يخبو ويستتر في صدر غيره

لعاود الحياة لهفة ألف مرّة من جديد...

أبتسم صمتا.

"ضعيف النّفس" يتقن صياغة الخطب الرّنانة

والحروف المتراصّة عن التنمية البشرية..

أتساءل لماذا لا ينحصرون في ذواتهم السّامية

ويدعون الآخر لذاته الوضيعة؟؟

ترفّعوا أيّها الشّجعان عن قاتل نفسه

مزّقوا ما تبقّى لديكم من تذاكر الأمل الغبيّ

كفاكم مزايدات على الحياة.

ارحموا قوما ملّوا مرافعات حول الحياة.

سئموا ابتذال الكلمات.

تخطّوا كلّ الحواجز نحو أنفسهم.

المنتحر معتكف في برجه العالي

علّ الموت يضمّ ضعفه..

وما ألعن الموت عندما يمكر ويدير ظهره لقاتل نفسه..

رحل قاتل نفسه عن وجود عبثيّ

زجّ به فيه دون علمه أو رضاه

ولو خيّر لاختار العدم

عساه ينعم بالسلّام..

هنيئا لكم وليمة الدنيا والآخرة..
تمضون أعماركم خائفين من الموت

تتزلزل نفوسكم لسكرات الموت

للجنائز والمقابر..

ترتعشون للكفن وشبرين من تراب مظلم..

قاتل نفسه رفع نخبه

وقال للموت خذني إليك

ذهابا دون عودة أو ذرّة ندم.


أتعلمون معشر الصمّ والبكم والعمي

أيّها العاجزون عن ولوج الآخر

مادام اختلافه عنكم يكفي لنعته وتوصيفه

وفق قواميس القطيع

أنّ قاتل نفسه

مات وقبر في نفسه

منذ زمن سحيق

شبرا تلو آخر

عضوا تلو آخر

نفسا تلو آخر

إحساسا منعدم الضّمير

إلّا من وجع ظلّه المقتول

المزروع المحسوب على قيد الحياة..


أتريد أن تموت؟

أتريد أن تعيش؟

أتقدر على سقم الإنتظار بين حدّيهما؟

كلّها اختياراتك أيّها الإنسان.

علّق نفسك على شماّعتك.

آخرك يتطفّل لاختيار شمّاعة لك.

الحياة مقامرة.

الموت مقامرة.

الوجود يتسلّى ضجرا بمضاربة المقامرين.

لك وحدك أيّها الإنسان.

تتفرّد وحدك أيّها الضّمير

بالقرار والتنفيذ والحياة والموت

بما تراه يليق بك.

ما بينك وبينك

"لذّة الهوى ونشوة السّقم"..

ما بينك وبين إلاهك

أيّا كان إلاهك

لا يعني أحدا غيرك.

مقتطف من كتاب رحيل

مـريـم خـلـيـفـي

بأيّ ذنب قتلت نفسك؟