اقترب منها و قال: " ألست أبا صالحا لتخفي عني ما يُبكيك يا ابنتي؟"

فالتفتتْ له و الدموع تملأ عينيها :

-    لا أبدا و لكن..."

-    لكن ماذا ؟

-    لا شيء يا أبي. أريد البقاء بمفردي لو سمحت؟

-    حسنا

نهض ببطء شديد و ابتعد عنها بضع خطوات و قبل أن يفتح الباب قال:

-    أنت لا تحتاجينني الآن أعلم ذلك

ثمّ التفت إليها ليجدها تُحدق به باستغراب شديد فواصل بعد أن هزمته دموعه و أعلنت هوانه و ضعفه

-    أنت فقط تحتاجين لحبيبتنا و هذا ما لا أقدر على فعله فاكتبي لها يا ابنتي و سيخبرها اللّه بكل شيء و يطبطب على قلبك الجريح و يرزقك بلسما أجهله و لا أقوى عليه

نهضت من مكانها و ركضت إليه ثمّ ارتمت بحضنه و هي تبكي بحرقة و بصوت مٌرتجف و غصة تتوسط صدرها قالت

-    لقد أحببته بصدق يا أبي و لم أخبرك شيئا كما أنني لم أخنك يوما و أقترب منه و لكنه اليوم صارحني بحبه لأخرى و توسل مساعدتي ليتقدم لخطبتها, هذا ما حصل و أنا فقط محبطة و

قلبي ينزف فقد ظننت أنّه يبادلني المشاعر و  ينتظر الوقت المناسب ليتقدم لي. هذا كل ما في الأمر فرجاءا لا تبكي يا أبي و لا تقل شيئا كهذا ثانية. فليرحل هو و كل الرجال للجحيم و

لتبقى أنت لي هذا يكفيني, لا تبكي يا روح قلبي و فؤادي و يا ملاكي الحارس

ابتعدت عن حضنه قليلا و برفق و حنان وضعت وجهه بين كفيها كطفل صغير و قالت

-    أنت لي كل شيء و لم أحتاج يوما أي أحد غيرك حتى أمي لم أحتاجها قط. فقط أشتاق إليها كما تفعل و أعشقها كعشقك لها و أتمنى أن تشاركنا يوما من حياتنا لا أكثر, أريد أن ألمس

وجهها هكذا و أقبلها ثمّ لا بأس أن ترحل , ما يؤلمني هو عدم وجود ذكرى واحدة بيني و بينها , كل ما أعرفه مجرد صور تذكرني بعجزي.

أعادها لحضنه و قال

-    سأقول إليك ما كانت ستقوله أمك رحمها اللّه

تنهدت و لم تقل شيئا فواصل قائلا:

-    ابكي يا ابنتي و مع كل دمعة اطردي ما في قلبك تجاهه من مشاعر ثمّ اتركي قلبك الأبيض نقيا طاهرا حتى يستمتع بما ينتظره من عشق كعشقي و أباك... تفاءلي حتى و إن كنتِ

في الحضيض تسكنين و قلبك ينزف و روحك تئن  و أنت تتعذبين. تفاءلي و انتظري وعد ربك و سترضي و تسعدي

بكت و بكى ثمّ غنى لها فنامت و بسمة رقيقة تٌزيّن شفتيها و خوف من رجل يكسر قلبها تملّك قلبه