منفانا الأخير

besoins-ecritureAbir Jlassi - عبير الجلاصي

ها هي عواصف تنشب  بداخلي و براكين تثور كلما مسكت القلم و خطيت على الورق لأحيي ذكريات و هي رميم...ها هي الكتابة تضعني على حافة العالم، لا مجال لي للعودة و تغيير الماضي ،كما لا سبيل لي لتجاوزه..و إذا بي  كالمحارب أواجه مخاوفي و آلامي في عالم لم يعد يهتم بشيء...

ها أنا عندما أفرغ من الكتابة أحمل رأسي المثقل كل ليلة لأريحه على وسادةٍ تثرثر لي هموم أمتي،و تهمس لي : "من قال أن السنوات العجاف إنقضت منذ عهد النبي يعقوب عليه السلام..من قال ذلك! فليعد النظر في ما قاله،لأننا نعيش عصوراً عجاف "

غريب أنت ، و غريبة هي الكتابة التي تصنع لك جناحين و تنصبك "حكواتي" لتطير من قارة إلى أخرى فتقص على قرائك أحداثاً عايشتها،أحداثاً غيرتك،أدهشتك،بل جعلتك ما أنت عليه اليوم...
أن تكتب جزءًا من حياتك على صفحات بيضاء،و تنقل عبرها عواطفك و شغفك هي معجزة بحد ذاتها..

أن تروي معاناتك ليبكيك شخصٌ آخر في أقصى أصقاع الأرض هي دهشةٌ في حد ذاتها..

نعم يا سادة! هذا ما تفعله بنا الكتابة...

تطير بنا إلى مجرات أخرى،

ترينا أبعاداً أخرى لم يشهدها إنسانٌ قط،

قد تحيرنا،

قد تربكنا ،

قد تضج بنا في هوة الغياب..

لكنها تبقى منفانا الأخير...

عبير الجلاصي
منفانا الأخير