أيقونة البدايات و النهايات #2

reves-songesYoussef Ben Salah - يوسف بن صالح


تململ في فراشه الاصوات تصل إليه خافتة هو سكون اللّيل إلا من بعض أصوات المارّة أو كائن ليلي أغرته متاهات الظلام و نزول رداء السّواد .نظر إلى قلب السقف الذي لم يراوح مكانه ..

خيّل إليه أنّه زاد اتّساعا و امتلأ حركة ..جال ببصره في الغرفة المعتّمة فلم يلحظ سوى خيال مكتبه و خزانة الادوات و خيط من نور يتسلل تحت الباب .. انبعث من فراشه و قشع ستار العتمة و اتجه إلى ملابسه يبحث عن مخزون سجائر السهرة و قدّاحته التي آثر أن تبقى معه حتّى نهايات العمر .

سحب سيجارة و جعل يجسّها بين اصابعه فانبعثت منها رائحة أطاحت بكل نظم الروائح في الغرفة .. إنه مزيج الزنبق و الياسمين الرائحة التي باتت تسكنه ليلا نهارا ابتسم عندما خطر له أن يسمي هذه الرائحة "الايقونة" لتفرّدها و سيطرتها عليه .. أشعل سيجارته و جذب نفسا عميقا تشبّث بها بعنف و بقي يحدّق في الفراغ أمامه منتظرا نزول رحيق القهوة على الموقد امامه تعجّب فما بال القهوة هذا المساء تتخلّى عن إغوائها و اسطوريّتها و تتواطؤ مع زخم الرّوائح المتآمرة عليه هذا المساء..!!

احسّ بانقباض شديد و رغبة جامحة في تحطيم المكان .. قضى الليل بين الكتب و الحديث المطوّل مع نفسه و كتابة بعض الاسطر ثمّ اندسّ في فراشه يروم نوما هادئا كعادته حتىّ الظهيرة .. لكن هيهات فملامح امراة بدأت تغزو خياله المثقل و تعاقبت الصّور في تهافت شديد و قسوة تقصم ذاكرته المتآكلة و اشتدّ به السّهــــاد إلى أن غلبه النّوم ..

يتبع..
 أيقونة البدايات و النهايات #2